الغرور دائما هو القاعدة فى هذا الزمان ..
كل واحد يعتقد فى قرارة نفسه أنه رجل صالح و ليس أقرب منه إلى الله ، وربما زاد على ذلك بأنه ضحية لهذا العصر الشرير و أنه... مظلوم و مجنى عليه أكل الجميع حقه و هضموا وجوده و أخذوا مكانه .. و أنه فى القاع بينما يجب أن يكون فى القمة و فى المؤخرة بينما وضعه الصحيح هو المقدمة .. و كل هذا لأنه طيب و ابن حلال و حسن النية يعامل الله و لا يعامل الناس و يسابق فى فعل الخيرات ..
و ربما كان هذا المتكلم إيراده الشهرى ألف جنيه ، و على بابه عربة ملاكى . و لكنه سوف يسارع فيقول لك .. إنه يحمد الله على هذه الفيات الكحيانه و لا يفكر اقتناء شفروليه مثل غيره ..
و إنه يشكر الله على مرتبه و يقنع بدخله فلا يمد يده إلى مال عام و لا يمس الحرام و أعوذ بالله من الحرام و أكل الحرام ثم يقبل يده ظهرا لبطن على أن الله خلقه نقى القلب حى الضمير عفيف اليد .. و أن الحياة بالطيب أحسن فلا شىء يدوم فى هذه الدنيا غير الأعمال الطيبة ..
و ربما يكون من الطريف جدا أن نقرأ على هذا الرجل الطيب الذى هو كل الناس ، فكل الناس فى هذا الزمان يظنون أنهم طيبون جدا .. أقول ربما يكون من الطريف أن نقرأ بضعة سطور من كتاب الغزالى .. إحياء علوم الدين .. عن طباع الناس الصالحين .. و ماذا كانوا يفعلون .. و كيف كانوا يعيشون . لنعرف أين مكانه فى درجات الصلاح .
يقول الغزالى عن المتصوف الصالح ( ابو سليمان الدرانى ) كان أبو سليمان يقول إن الملح ، شهوة و ترف مذموم ، لأنه زيادة على الخبز و كل ما زاد على الخبز فهو شهوة .. و يروى عنه أنه اشتهى ذات مساء رغيفا ساخنا بملح فلما جاءوه به عض منه عضة ثم طرحه و شرع يبكى و يغمغم بين دموعه .. عجلت إلى شهوتى بعد طول المجاهدة و اشقوتى .. التوبة .. التوبة .. و من ذلك اليوم لم يره أحد يمس الملح قط ..
و عاش المسيح بلا زوجة و بلا ولد و بلا بيت و بلا فراش لا يملك إلا ثوبا واحدا و كان يقول لأصحابه لا تحملوا جرابا للزاد .. و كان شعاره خبزنا كفافنا كل يوم ..
و يبدو أن العالم تغير تغيرا كبيرا جدا منذ أيام الغزالى .. فها هو ديجول يقول فى إحدى خطبه للشعب الفرنسى المسيحى .. لا أفهم كيف أحكم شعبا يصنع مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن .
و هنا فى قلب القاهرة و فى أفقر مخبز سوف تعجب من عدد الأصناف التى تخرج من القمح وحده .. الكعك و التورتة و الجاتوه و الباتون ساليه و الكرواسون و البسكوت و الرقاق و الفطير و البيتى فور و المكرونة .. و أم على والسميط .. و الخشاف و الكسكسى و سد الحنك و العصيدة و العيش البلدى و العيش الشامى و العيش الأسود و العيش الأبيض و القراقيش .. بل إن المكرونة وحدها يصنع منها ألف صنف ..
إلى هذه الدرجة ينشغل هذا الانسان الطيب ببطنه .. و ينفق الوقت فى التصنيف و التأليف ليشبع شهوة لن تشبع أبدا ..
و إنه لأمر طبيعى جدا أن يأكل مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن لا يمكن بداهة أن يقنع بزوجة واحدة ، و لا بد أن يحاول أن يذوق زوجة جاره وزوجة صاحبه ، و يصنف لنفسه مائدة من ألف صنف .. وحينما يكتفى بعشر خليلات سوف يعتقد أنه طيب جدا و شديد الزهد فى الدنيا ، و من أهل الصلاح و الفلاح ..
و بصرف النظر عن حكم الدين مسيحيا أو إسلاميا على مثل هذا الرجل ، فإن حكم الحضارة و حكم العقل أن مثل هذا الانسان ساقط و أنه مستهلك يأخذ و لا يعطى و لن يجد الوقت ليعطى حتى و لو فكر فى أى عطاء .. لأن أى إنتاج أو عطاء سوف يحتاج إلى الوقت و التفرغ و جمع الهمة و تركيز الذهن و انقطاع القلب .. و مثل هذا الانسان بين مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن و ألف ابتكار من ابتكارات المطاحن و المخابز و ألف امرأة و ألف مستحضر من مستحضرات كريستيان ديوار و عشرات الأفلام و السهرات الهلس كل ليلة و عشرات البرامج التلفزيونية . مثل هذا الانسان لن يبقى منه خير لنفسه و لا للآخرين ..
هذا الانسان قتل نفسه مع سبق الاصرار و العمد و الترصد و آثر الموت السريع اللذيذ محترقا بشهوته ..
إنه مرتكب لجريمة ..تبديد للحياة ..
و لكن التبديد هذه المرة تبديد كبير . إنه تبديد للحضارة و التاريخ .. إنه تبديد فردى و تبديد عائلى و تبديد اجتماعى ..
الجوع .. و النهم . و الشره .. و الشبق . لم يبق للانسان عقل ليفكر أو يتأمل فى أى شىء ، فهو يأكل حتى يشبع و يشرب حتى الانفجار ثم يتمدد كثور ليصحوا سعرانا من جديد ..
و كلما نام السعار و فتر الاوار أيقظته الفاترينات و الاعلانات و الأفيشات و أقراص فتح الشهية و حبوب الهضم و حقن القرود التى تعيد الشيخ إلى شبابه .
و نتيجة الشبع و النوم هى البلادة ثم القسوة .. فنرى ذلك الخنزير الآدمى الشبعان يمر إلى جوار الجوعان العريان فلا يشعر به ، لأنه مشغول بما يتجدد من شهواته كل لحظة .. و مع ذلك فهو يربت بيده على بطنه الممتلئة و يشعر بالرضا عن نفسه ، و بأنه طيب و صالح و لم يؤذ أحدا وربما زار الكنيسة فى الأعياد ووضع قرشا فى صندوق النذور وربما صام رمضان و أكل فيه أكثر من كل شهر و تمتع فيه بتصانيف جديدة مثل اللوز و الجوز و القمر الدين و الكنافة و القطايف و المشمشية .. بل إن نفس هذه العقلية هى التى حولت شهر الصيام إلى شهر أكل ..
و إحصائية بسيطة يمكن أن تثبت لنا أن استهلاك اللحوم فى شهر الصوم يتضاعف كما يتضاعف استهلاك الطرشى و المخللات لتساعد على البلع و الزلط و اللهط .
و نتيجة هذا الزلط و اللهط و التسمين و التزغيط المستمر هى أرطال زيادة من الشحم و اللحم و أمراض كالنقرس و ضغط الدم و السكر و الذبحة و الكلية و الكبد و المصران الغليظ ثم تسويس الأسنان المبكر من فرط لين الأطعمة ..
و لكن كما قلت هذا الخنزير طيب جدا ، و كلما أصابته نوبة الذبحة قال – يارب .. يا لطيف .. رحمتك .. سترك وربما رسم الصليب و تمتم .. أبانا الذى فى السموات .. أو صلى ركعتين .. أو وزع صينية الكنافة التى لن يأكلها حسنة على البوابين ..
و لأن هذا العصر هو عصر خنازير طيبين من هذا النوع فنحن نرى فيه الناس تموت من الجوع فى بلد مثل الهند ، و يموت من الشبع الكثرة الكثيرة من البلاد الغنية .. دون أن يحرك أحد أصبعا . كما نرى الجهل لدرجة الأمية الكاملة ، و العلم لدرجة الصعود إلى القمر و إطلاق الصواريخ فى مدارات فى الفضاء .. دون أن يتحرك العلم ليعطى الجهل أو يتحرك الشبع ليشبع الجوع .. بل قد يتحد الشبعانون ليقاتلوا الجياع لأن الشبعانين عندهم وفرة السلاح كما أن عندهم وفرة الخبز .. و الجياع ليس عندهم شىء ..
لكن كما قلت هذا الانسان الخنزير طيب جدا .. و هو يعتقد أن الله طيب جدا مثله و لهذا فسوف يدخل كل الناس الجنة .. و هو يقول لك .. هل من المعقول أن يضع الله رأسه برأسنا و يحاسبنا على كلام قلناه و أفعال فعلناها . و نحن بالنسبة لله و لعظمة الله كالنمل أو ذرات التراب أو ذات الهباء .. غير معقول .. إن الله كبير جدا .. أكبر من أن يعذبنا ، و هو يتصور أن هذه الثقة بالله نوع من الايمان الرفيع .. و ينسى أنه بهذا التصور الأبلة يطالب الله بالظلم و بأن يسوى بين الأسود و الأبيض و يجعل الظالم كالمظلوم و القاتل كالقتيل فى قوانينه ..
و لو أنه درس القليل من الكيمياء و الطبيعة لعلم أن قوانين الله لا تسوى بين الذرات و أن كل شىء يتحرك بإحكام من الألكترون الصغير إلى أجرام السماوات العظيمة فى توافق مع المنطق العلمى الدقيق .. و أن الذرات تتحد و تتفاعل مع بعضها حسب أوزانها الذرية .. مع أن هذه الأوزان مقادير ضئيلة جدا جدا جدا ..
و إنه باستقراء عجائب هذا الكون و دقة سيرها و إحكام تطورها . فإن العقل ليصرخ .. بين يدى هذه القدرة .. لا يمكن أن يفلت ظالم .. و لا أن يهرب قاتل أخطأته قوانين الأرض ..
يقول هذا عقل تأمل و أدمن التأمل ..
أما العقول التى أصابها الشبع و الخمول و خيمت عليها بلادة الخنازير .. فإنها تتصور آخرة أو لا تتصور بعثا و آخرة على الاطلاق .. و يقول الواحد فى بلادة شديدة .. و هل يمكن أن يبعث ميت من عدم .. و هم يتصورون أن ينقل جراح مثل الدكتور برنار قلب رجل ميت و يبعثه حيا فى صدر رجل آخر ..و لا يتصورون من الذى خلق الدكتور برنار و من الذى خلق الدنيا كلها معجزة أكبر ..
و لكن فى عصر الكريم شانتيه أصبح التفكير الدينى موضة قديمة ..
و العلوم الوضيعة و العقول الألكترونية أصبحت هى الأصنام العصرية و هذا نتيجة للكسل و الغرور .
الانسان الشبعان أكسل من أن يعيد نظرا . و هو قد حول جميع حساباته للآلات الحاسبة و الأمخاخ الألكترونية و جلس يرتشف الأيس كريم صودا فى تلذذ .
لا وقت عنده ليسأل نفسه تلك الأسئلة المتعبة .. من أين جئت .. و إلى أين أذهب .. و ماذا بعد الموت .. و ماذا قبل الميلاد .. فهذه كلها متاهات غيبية .. و أمامه ليلة عامرة بالمسرات لا ينبغى أن تضاع فى أسئلة تجلب الصداع ..
و يبين الموائد الشهية و الليالى الحمراء القرمزية تقضى الخنازير أعمارها فإذا بقى فإنها تتناطح بالرءوس أو بالحوافر أو بالقنابل الذرية حتى الموت .
يموت الشبعان ليشبع أكثر و ليجوع الجائع أكثر ..
و ينتهى العمر دون جدوى .. ينتهى بجريمة .
و تغرب شمس دون الانسان دون أن يسأل نفسه سؤالا واحدا بسيطا .. لماذا أنا هنا ..
كل واحد يعتقد فى قرارة نفسه أنه رجل صالح و ليس أقرب منه إلى الله ، وربما زاد على ذلك بأنه ضحية لهذا العصر الشرير و أنه... مظلوم و مجنى عليه أكل الجميع حقه و هضموا وجوده و أخذوا مكانه .. و أنه فى القاع بينما يجب أن يكون فى القمة و فى المؤخرة بينما وضعه الصحيح هو المقدمة .. و كل هذا لأنه طيب و ابن حلال و حسن النية يعامل الله و لا يعامل الناس و يسابق فى فعل الخيرات ..
و ربما كان هذا المتكلم إيراده الشهرى ألف جنيه ، و على بابه عربة ملاكى . و لكنه سوف يسارع فيقول لك .. إنه يحمد الله على هذه الفيات الكحيانه و لا يفكر اقتناء شفروليه مثل غيره ..
و إنه يشكر الله على مرتبه و يقنع بدخله فلا يمد يده إلى مال عام و لا يمس الحرام و أعوذ بالله من الحرام و أكل الحرام ثم يقبل يده ظهرا لبطن على أن الله خلقه نقى القلب حى الضمير عفيف اليد .. و أن الحياة بالطيب أحسن فلا شىء يدوم فى هذه الدنيا غير الأعمال الطيبة ..
و ربما يكون من الطريف جدا أن نقرأ على هذا الرجل الطيب الذى هو كل الناس ، فكل الناس فى هذا الزمان يظنون أنهم طيبون جدا .. أقول ربما يكون من الطريف أن نقرأ بضعة سطور من كتاب الغزالى .. إحياء علوم الدين .. عن طباع الناس الصالحين .. و ماذا كانوا يفعلون .. و كيف كانوا يعيشون . لنعرف أين مكانه فى درجات الصلاح .
يقول الغزالى عن المتصوف الصالح ( ابو سليمان الدرانى ) كان أبو سليمان يقول إن الملح ، شهوة و ترف مذموم ، لأنه زيادة على الخبز و كل ما زاد على الخبز فهو شهوة .. و يروى عنه أنه اشتهى ذات مساء رغيفا ساخنا بملح فلما جاءوه به عض منه عضة ثم طرحه و شرع يبكى و يغمغم بين دموعه .. عجلت إلى شهوتى بعد طول المجاهدة و اشقوتى .. التوبة .. التوبة .. و من ذلك اليوم لم يره أحد يمس الملح قط ..
و عاش المسيح بلا زوجة و بلا ولد و بلا بيت و بلا فراش لا يملك إلا ثوبا واحدا و كان يقول لأصحابه لا تحملوا جرابا للزاد .. و كان شعاره خبزنا كفافنا كل يوم ..
و يبدو أن العالم تغير تغيرا كبيرا جدا منذ أيام الغزالى .. فها هو ديجول يقول فى إحدى خطبه للشعب الفرنسى المسيحى .. لا أفهم كيف أحكم شعبا يصنع مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن .
و هنا فى قلب القاهرة و فى أفقر مخبز سوف تعجب من عدد الأصناف التى تخرج من القمح وحده .. الكعك و التورتة و الجاتوه و الباتون ساليه و الكرواسون و البسكوت و الرقاق و الفطير و البيتى فور و المكرونة .. و أم على والسميط .. و الخشاف و الكسكسى و سد الحنك و العصيدة و العيش البلدى و العيش الشامى و العيش الأسود و العيش الأبيض و القراقيش .. بل إن المكرونة وحدها يصنع منها ألف صنف ..
إلى هذه الدرجة ينشغل هذا الانسان الطيب ببطنه .. و ينفق الوقت فى التصنيف و التأليف ليشبع شهوة لن تشبع أبدا ..
و إنه لأمر طبيعى جدا أن يأكل مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن لا يمكن بداهة أن يقنع بزوجة واحدة ، و لا بد أن يحاول أن يذوق زوجة جاره وزوجة صاحبه ، و يصنف لنفسه مائدة من ألف صنف .. وحينما يكتفى بعشر خليلات سوف يعتقد أنه طيب جدا و شديد الزهد فى الدنيا ، و من أهل الصلاح و الفلاح ..
و بصرف النظر عن حكم الدين مسيحيا أو إسلاميا على مثل هذا الرجل ، فإن حكم الحضارة و حكم العقل أن مثل هذا الانسان ساقط و أنه مستهلك يأخذ و لا يعطى و لن يجد الوقت ليعطى حتى و لو فكر فى أى عطاء .. لأن أى إنتاج أو عطاء سوف يحتاج إلى الوقت و التفرغ و جمع الهمة و تركيز الذهن و انقطاع القلب .. و مثل هذا الانسان بين مائة و ستة و ثلاثين صنفا من الجبن و ألف ابتكار من ابتكارات المطاحن و المخابز و ألف امرأة و ألف مستحضر من مستحضرات كريستيان ديوار و عشرات الأفلام و السهرات الهلس كل ليلة و عشرات البرامج التلفزيونية . مثل هذا الانسان لن يبقى منه خير لنفسه و لا للآخرين ..
هذا الانسان قتل نفسه مع سبق الاصرار و العمد و الترصد و آثر الموت السريع اللذيذ محترقا بشهوته ..
إنه مرتكب لجريمة ..تبديد للحياة ..
و لكن التبديد هذه المرة تبديد كبير . إنه تبديد للحضارة و التاريخ .. إنه تبديد فردى و تبديد عائلى و تبديد اجتماعى ..
الجوع .. و النهم . و الشره .. و الشبق . لم يبق للانسان عقل ليفكر أو يتأمل فى أى شىء ، فهو يأكل حتى يشبع و يشرب حتى الانفجار ثم يتمدد كثور ليصحوا سعرانا من جديد ..
و كلما نام السعار و فتر الاوار أيقظته الفاترينات و الاعلانات و الأفيشات و أقراص فتح الشهية و حبوب الهضم و حقن القرود التى تعيد الشيخ إلى شبابه .
و نتيجة الشبع و النوم هى البلادة ثم القسوة .. فنرى ذلك الخنزير الآدمى الشبعان يمر إلى جوار الجوعان العريان فلا يشعر به ، لأنه مشغول بما يتجدد من شهواته كل لحظة .. و مع ذلك فهو يربت بيده على بطنه الممتلئة و يشعر بالرضا عن نفسه ، و بأنه طيب و صالح و لم يؤذ أحدا وربما زار الكنيسة فى الأعياد ووضع قرشا فى صندوق النذور وربما صام رمضان و أكل فيه أكثر من كل شهر و تمتع فيه بتصانيف جديدة مثل اللوز و الجوز و القمر الدين و الكنافة و القطايف و المشمشية .. بل إن نفس هذه العقلية هى التى حولت شهر الصيام إلى شهر أكل ..
و إحصائية بسيطة يمكن أن تثبت لنا أن استهلاك اللحوم فى شهر الصوم يتضاعف كما يتضاعف استهلاك الطرشى و المخللات لتساعد على البلع و الزلط و اللهط .
و نتيجة هذا الزلط و اللهط و التسمين و التزغيط المستمر هى أرطال زيادة من الشحم و اللحم و أمراض كالنقرس و ضغط الدم و السكر و الذبحة و الكلية و الكبد و المصران الغليظ ثم تسويس الأسنان المبكر من فرط لين الأطعمة ..
و لكن كما قلت هذا الخنزير طيب جدا ، و كلما أصابته نوبة الذبحة قال – يارب .. يا لطيف .. رحمتك .. سترك وربما رسم الصليب و تمتم .. أبانا الذى فى السموات .. أو صلى ركعتين .. أو وزع صينية الكنافة التى لن يأكلها حسنة على البوابين ..
و لأن هذا العصر هو عصر خنازير طيبين من هذا النوع فنحن نرى فيه الناس تموت من الجوع فى بلد مثل الهند ، و يموت من الشبع الكثرة الكثيرة من البلاد الغنية .. دون أن يحرك أحد أصبعا . كما نرى الجهل لدرجة الأمية الكاملة ، و العلم لدرجة الصعود إلى القمر و إطلاق الصواريخ فى مدارات فى الفضاء .. دون أن يتحرك العلم ليعطى الجهل أو يتحرك الشبع ليشبع الجوع .. بل قد يتحد الشبعانون ليقاتلوا الجياع لأن الشبعانين عندهم وفرة السلاح كما أن عندهم وفرة الخبز .. و الجياع ليس عندهم شىء ..
لكن كما قلت هذا الانسان الخنزير طيب جدا .. و هو يعتقد أن الله طيب جدا مثله و لهذا فسوف يدخل كل الناس الجنة .. و هو يقول لك .. هل من المعقول أن يضع الله رأسه برأسنا و يحاسبنا على كلام قلناه و أفعال فعلناها . و نحن بالنسبة لله و لعظمة الله كالنمل أو ذرات التراب أو ذات الهباء .. غير معقول .. إن الله كبير جدا .. أكبر من أن يعذبنا ، و هو يتصور أن هذه الثقة بالله نوع من الايمان الرفيع .. و ينسى أنه بهذا التصور الأبلة يطالب الله بالظلم و بأن يسوى بين الأسود و الأبيض و يجعل الظالم كالمظلوم و القاتل كالقتيل فى قوانينه ..
و لو أنه درس القليل من الكيمياء و الطبيعة لعلم أن قوانين الله لا تسوى بين الذرات و أن كل شىء يتحرك بإحكام من الألكترون الصغير إلى أجرام السماوات العظيمة فى توافق مع المنطق العلمى الدقيق .. و أن الذرات تتحد و تتفاعل مع بعضها حسب أوزانها الذرية .. مع أن هذه الأوزان مقادير ضئيلة جدا جدا جدا ..
و إنه باستقراء عجائب هذا الكون و دقة سيرها و إحكام تطورها . فإن العقل ليصرخ .. بين يدى هذه القدرة .. لا يمكن أن يفلت ظالم .. و لا أن يهرب قاتل أخطأته قوانين الأرض ..
يقول هذا عقل تأمل و أدمن التأمل ..
أما العقول التى أصابها الشبع و الخمول و خيمت عليها بلادة الخنازير .. فإنها تتصور آخرة أو لا تتصور بعثا و آخرة على الاطلاق .. و يقول الواحد فى بلادة شديدة .. و هل يمكن أن يبعث ميت من عدم .. و هم يتصورون أن ينقل جراح مثل الدكتور برنار قلب رجل ميت و يبعثه حيا فى صدر رجل آخر ..و لا يتصورون من الذى خلق الدكتور برنار و من الذى خلق الدنيا كلها معجزة أكبر ..
و لكن فى عصر الكريم شانتيه أصبح التفكير الدينى موضة قديمة ..
و العلوم الوضيعة و العقول الألكترونية أصبحت هى الأصنام العصرية و هذا نتيجة للكسل و الغرور .
الانسان الشبعان أكسل من أن يعيد نظرا . و هو قد حول جميع حساباته للآلات الحاسبة و الأمخاخ الألكترونية و جلس يرتشف الأيس كريم صودا فى تلذذ .
لا وقت عنده ليسأل نفسه تلك الأسئلة المتعبة .. من أين جئت .. و إلى أين أذهب .. و ماذا بعد الموت .. و ماذا قبل الميلاد .. فهذه كلها متاهات غيبية .. و أمامه ليلة عامرة بالمسرات لا ينبغى أن تضاع فى أسئلة تجلب الصداع ..
و يبين الموائد الشهية و الليالى الحمراء القرمزية تقضى الخنازير أعمارها فإذا بقى فإنها تتناطح بالرءوس أو بالحوافر أو بالقنابل الذرية حتى الموت .
يموت الشبعان ليشبع أكثر و ليجوع الجائع أكثر ..
و ينتهى العمر دون جدوى .. ينتهى بجريمة .
و تغرب شمس دون الانسان دون أن يسأل نفسه سؤالا واحدا بسيطا .. لماذا أنا هنا ..
الثلاثاء أبريل 13, 2021 6:00 am من طرف ديمه قمر الدنيا
» اهدا الى جودي
الثلاثاء أبريل 13, 2021 1:30 am من طرف ديمه قمر الدنيا
» ليه..؟! .......
الإثنين أغسطس 11, 2014 7:08 pm من طرف ديمة ورغد وبس
» ممكنَ تدخخَلوآ $**
الأربعاء يوليو 23, 2014 4:02 pm من طرف رهــــؤومــــةة
» فقط للنقاش
الجمعة مارس 21, 2014 3:11 am من طرف رهــــؤومــــةة
» حصري لرهوفتنآ
الأربعاء مارس 19, 2014 5:24 pm من طرف رَغُودِيہَ أبَدِيہہ ♥
» مآيـآ الصعيدي )"
الأربعاء مارس 19, 2014 5:16 pm من طرف رَغُودِيہَ أبَدِيہہ ♥
» طرد آلآولآد -،-
الأربعاء مارس 19, 2014 5:12 pm من طرف رَغُودِيہَ أبَدِيہہ ♥
» حصريآت لـ حبيبتنآ زيونه عوآد
الأربعاء مارس 19, 2014 5:07 pm من طرف رَغُودِيہَ أبَدِيہہ ♥